دبي، الإمارات العربية المتحدة
لم يكن الابن الأوسط للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إريك ترامب (41 عاماً)، يتخيّل يوماً أن يترك عالم العقارات الذي نشأ فيه في ظل والده وجده، ليتحول إلى واحد من أبرز الوجوه المدافعة عن العملات المشفّرة. لكنه يؤكد أن التجربة المريرة مع البنوك الأميركية بعد أحداث السادس من يناير 2021 كانت الشرارة التي دفعت العائلة إلى تبني "الكريبتو" كمسار بديل لحماية مصالحها المالية.
بحسب ما رواه إريك لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قامت عدة مصارف أميركية بإغلاق مئات من حسابات مرتبطة بأعمال عائلة ترامب مباشرة بعد هجوم الكابيتول، من دون تبرير واضح. ويصف إريك تلك اللحظة قائلاً: «أدركت حينها مدى هشاشة النظام المالي، ومدى سهولة استخدامه كسلاح ضدك»، معتبراً أن القرار اتخذ بدوافع سياسية.
ورغم نفي المصارف أن تكون قد تصرفت لأسباب سياسية، فإن ما عُرف بـ«حرمان الحسابات البنكية» سرعان ما أصبح شعاراً متداولاً في أوساط اليمين المحافظ، خصوصاً مع تنامي السجال حول سياسات التنوع والشمول التي تبنّتها البنوك بعد مقتل جورج فلويد عام 2020، والتي رأى فيها المحافظون استهدافاً لهم. حتى السيناتور إليزابيث وارن (ديمقراطية) طالبت البنوك بوقف الممارسات التمييزية ضد العملاء على أسس سياسية أو دينية.
نقلة نوعية
يصف إريك نفسه بأنه "رجل عقارات"، إذ قضى سنوات في إدارة مشاريع العقارات الفخمة التي تملكها العائلة، من ملاعب الغولف إلى الأبراج السكنية في مانهاتن. غير أنّ سنوات ما بعد 2021 حملت تحولاً نوعياً؛ فمع تنامي الشكوك في النظام المالي التقليدي، بدأ إريك يقترب من قطاع العملات الرقمية، مدفوعاً أيضاً باهتمام أصدقائه ومستثمرين كبار يرون في البيتكوين والإيثيريوم أداة تحوّط ضد تقلبات النظام المصرفي.
في سبتمبر 2024، أطلقت عائلة ترامب شركة "ورلد ليبرتي فايننشال" التي طرحت عملة رقمية خاصة بها (WLFI) وعملة مستقرة مرتبطة بالدولار. وفي مارس 2025، أعلنت الشركة بيع عملات WLFI بقيمة 550 مليون دولار لمستثمرين، بينهم رجل الأعمال الصيني جاستن سَن، الذي يواجه دعاوى مدنية من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. فيما استحوذت شركة ALT5 Sigma على حصة بقيمة 1.5 مليار دولار وعينت إريك في مجلس إدارتها.
هذا الانخراط الكبير أثار انتقادات واسعة، فقد وصف نورم آيزن، مستشار الأخلاقيات في البيت الأبيض إبان إدارة باراك أوباما، استثمار عائلة ترامب في الكريبتو بأنه «جوهر الفساد»، لأن الرئيس نفسه يقود جهود تخفيف القيود التنظيمية عن هذا القطاع، بينما تمتلك عائلته حصصاً بمليارات الدولارات فيه.
بالمقابل، دافعت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت عن العائلة، واعتبرت أن الحديث عن تضارب المصالح مجرد «اختلاق إعلامي»، مؤكدة أن مصالح إريك التجارية «منفصلة» عن عمل والده الرسمي.
ما بعد "الحلم الأميركي"
في ديسمبر 2024، ظهر إريك ترامب في مؤتمر رئيسي للعملات المشفّرة، حيث ألقى خطاباً حماسياً إلى جانب شخصيات بارزة مثل مايك هو، مدير الاستراتيجية في شركة التعدين الكندية "هات 8". لاحقاً، دخلت شركته الناشئة "أميركان بيتكوين" في شراكة مع "هات 8" لتطوير مشاريع تعدين مشفرة، فيما أصبح هو مالكاً لحصة تبلغ 9.3% في الشركة بحسب ملفات تنظيمية.
لكن الأضواء الأكبر سُلِّطت على عملة الميم $TRUMP التي أُطلقت قبل أيام من تنصيب والده في يناير 2025. هذه العملة بلغت قيمتها السوقية نحو 15 مليار دولار في ذروتها، قبل أن تنخفض إلى نحو 1.7 مليار، من دون وضوح حول كيفية توزيع أرباحها بين العائلة وشركائها.
ورغم المخاوف من الطابع المضارباتي لـ"عملات الميم"، يصرّ إريك على أنها قد تكون المدخل الأول لملايين المستثمرين الجدد إلى الاقتصاد الرقمي.
ويختم قائلاً: «لماذا لا يمكنني أن أعيد تمويل برج ترامب بتحويله إلى أصل رقمي متاح لمليارات المستثمرين حول العالم؟ إنهم يحبون نيويورك، يحبون الجادة الخامسة، يحبون ترامب».
بينما يرى خصوم ترامب في هذا التوجه سعياً لتسخير منصب الرئاسة لخدمة مصالح العائلة الاقتصادية، يعتبره إريك بوابة جديدة نحو "حرية مالية" خارج قبضة البنوك، لكن التداخل بين السياسة والاقتصاد الرقمي، كما تحذّر تقارير وول ستريت جورنال وأسوشيتد برس وواشنطن بوست، يضع النظام الديمقراطي الأميركي أمام تحدٍّ أخلاقي وقانوني عميق: فهل يتحول "الحلم الأميركي" إلى منصة مشفّرة تخدم مشروعاً شخصياً، أم إلى فضاء يضمن العدالة والشفافية لجميع من يسعون وراءه؟
لمزيد من المعلومات اتصل:
اتصال/واتساب: +971542472218
البريد الإلكتروني: alnashra2013@gmail.com
– لكتابة مقال خاص عن اسم مؤسستك أو شركتك يمكنك المراسلة عبر البريد الإلكتروني التالي: