أدى انتقال كبار صناديق التحوط العالمية إلى أبو ظبي إلى خلق نقص في المساحات المكتبية في مركز الإمارة المالي، حيث أصبحت الأبراج الأنيقة في سوق أبو ظبي العالمي، والتي تقع في جزيرة الماريه، على وشك الإشغال الكامل؛ وفقاً لـ «بلومبيرغ».

مساحة أكبر بـ 10 أضعاف

وحسبما ذكرت الوكالة، قال ممثل عن سوق أبوظبي العالمي في بيان عبر البريد الإلكتروني: «مع تزايد الطلب على الشركات للتمركز داخل سوق أبوظبي العالمي تجاوزت معدلات الإشغال في جزيرة الماريه 95% وبالتالي فإن التوسع هو الخطوة الطبيعية والضرورية التالية لتلبية الطلب المتزايد من الشركات التي تسعى إلى تأسيس وجود لها في المركز المالي في أبو ظبي بشكل أفضل».

وذكرت «بلومبيرغ» أن ما تقوم به أبوظبي في الوقت الحالي من توسيع نطاق المنطقة الحرة لتشمل جزيرة الريم، المجاورة، تمنحها مساحة أكبر بـ 10 أضعاف تجعلها واحدة من أكبر المناطق المالية في العالم، حيث تمتد على مساحة 14.4 مليون متر مربع (3558 فداناً).

وكجزء من ذلك تعمل أيضاً على توفيق أوضاع المستأجرين الحاليين في جزيرة الريم بالحصول على ترخيص سوق أبوظبي العالمي بنهاية العام.

وترى «بلومبيرغ» أن من يضطرون لمغادرة المركز المالي سيتجهون إلى سوق العقارات التجارية الذي يشهد بالفعل طلباً كبيراً بفضل قدوم الثروات من مختلف أنحاء العالم.

وضع مختلف عالمياً

وقالت بلومبيرغ: إن هذا الانتعاش الكبير في العقارات في أبوظبي، يجعل الإمارة في وضع مغاير للمدن الكبرى الأخرى حول العالم، مثل نيويورك ولندن وسان فرانسيسكو، التي تظل فيها معدلات شواغر المكاتب مرتفعة، حيث اتجه العديد من الموظفين إلى العمل عن بُعد منذ فترة انتشار كوفيد.

فعلى سبيل المثال شهدت مانهاتن معدلات شغور أكثر من الضعف لتصل إلى 16%، وهو مستوى لم تشهده المدينة منذ التسعينيات.

ويتسبب نقص المساحات المكتبية في حدوث ضغط على مديري العقارات في الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات. ففي العادة يكون لدى هؤلاء المديرين التنفيذيين أشهر لتقييم عقود الإيجار طويلة الأجل، إلا أن في أبوظبي اضطرت بعض الشركات إلى اتخاذ مثل هذه القرارات في غضون أسبوع.

كما أن محدودية المساحات المكتبية المتاحة للإيجار دفعت بعض الشركات إلى التفكير في بناء أبراجها الخاصة في جميع أنحاء أبوظبي.

وقال ديفيد شورت، المدير المساعد في وكالة الاستشارات العقارية، كوشمان آند ويكفيلد كور لـ «بلومبيرغ»: إن العثور على مساحة في الوقت الحالي يمثل تحدياً كبيراً؛ لأن الشركات عندما تحدد المساحة التي تفضلها يكون على الشركة العقارية التحرك بسرعة أو فقدان العميل.

تقاسم المساحات

وبالإضافة إلى مجموعة صناديق التحوط الكبيرة وشركات رأس المال الاستثماري وشركات العملات المشفرة التي تأسست في المركز المالي في العام الماضي في أبوظبي، هناك أيضاً

مليارديرات مثل راي داليو وأغنى رجل في مجال العملات المشفرة تشانغبينج تشاو يتقاسمون جميعاً المساحة مع أكثر من 25000 شخص يعملون في 1950 شركة بما في ذلك مؤسسة، مثل: أبولو غلوبال مانجمنت، وبلاكستون، ومجموعة غولدمان ساكس.

وأدى اندفاع الوافدين الجدد إلى قفزة بنسبة 211% في أصول المركز المالي الخاضعة للإدارة في الربع الأول.

عوامل جاذبة

وبجانب أن صناديق الثروة السيادية في أبو ظبي، تمثل عامل جذب كبير لمديري صناديق التحوط، فإن الدخل المعفى من الضرائب في الإمارة والطقس المشمس والمنطقة الزمنية التي تسمح بالتداول خلال ساعات العمل الآسيوية والأوروبية والأمريكية تجعل المدينة جاذبة للشركات من لندن وهونغ كونغ وسنغافورة.

ونظم المسؤولون أيضاً مجموعة من الامتيازات، بدءاً من مساعدة التجار في الحصول على القبول المدرسي المرغوب لأطفالهم ومساعدتهم في تأمين العضوية في الأندية الريفية، حسبما ذكرت بلومبيرغ في مقال مارس الماضي.

وأجرى اثنان من أكبر صناديق التحوط في لندن، وهما مارشال ويس وكابولا لإدارة الاستثمارات، محادثات لتوسيع عملياتهما إلى أبوظبي.

وبذلك ينضمون إلى شركات عملاقة، مثل بريفان هوارد لإدارة الأصول، اتخذت من الإمارة أكبر مركز تجاري لها، بالإضافة إلى رجل الأعمال التشيكي رادوفان فيتيك والقطب المصري ناصف ساويرس؛ ويقومون جميعاً بتأسيس شركات في إمارة أبوظبي.

ارتفاع متوسط الإيجارات

وأدى الارتفاع في الطلب إلى رفع متوسط الإيجارات عبر المساحات الفاخرة التي شهدت ارتفاعاً بنسبة 6.6% في الربع الأول وعقارات الدرجة A التي ارتفعت 3.4% والدرجة B التي ارتفعت 9.7%، في ذات الربع.

وأوردت بلومبيرغ ما قاله تيمور خان، رئيس قسم الأبحاث في الشرق الأوسط لشركة «سي بي آر إي» للخدمات العقارية، أن من المرجح استمرار الأداء القوي، ويرى بأن ارتفاع الطلب بسبب التوجه المستمر نحو الجودة إلى جانب ندرة المعروض المتاح سيستمر في دفع الأسعار إلى الأعلى.

وبينما هيمنت المؤسسات المالية على قائمة الداخلين الجدد في العامين الماضيين، فإن شركات الأدوية وعلوم الحياة والأمن والدفاع إما أنها كانت تقدم إلى الإمارة أو تتوسع فيها.

ومع دخول المزيد من الشركات الخاصة إلى السوق والبحث عن مساحة فإنها تعمل كذلك على تغيير ديناميكيات سوق المكاتب التي كانت تهيمن عليها تقليدياً الشركات المرتبطة بالدولة.

حلول

وهناك طلب على المكاتب المبنية حديثاً والتي تتميز بالتكنولوجيا العالية والصديقة للبيئة وتفي بمتطلبات الشركات الكبرى ورغم ذلك يرى الخبراء بأن أزمة المعروض الحالية من غير المرجح أن تستمر لفترة طويلة.

فبالنسبة للمبتدئين ستؤدي إضافة جزيرة الريم إلى سوق أبوظبي العالمي إلى مضاعفة مساحة المكاتب المتاحة في المنطقة الحرة.

كما أن هناك «ميدان مدينة مصدر»، وهو عبارة عن مجموعة من 7 مبان تجارية مصممة لتكون منخفضة الكربون، والتي ستضيف 50 ألف متر مربع عند اكتمالها بحلول نهاية هذا العام.

ومبنى آخر وهو «ذا لاين» الذي سيضيف مشروع 30 ألف متر مربع من المساحات المكتبية بحلول نهاية عام 2025. وسيضيف برج في جزيرة ياس 50 ألف متر مربع بحلول نهاية العام المقبل، حسبما ذكرت شورت من شركة كوشمان آند ويكفيلد.

مساحات جديدة

وفي الواقع، حسبما ذكرت بلومبيرغ نقلاً عن «سي بي آر إي»، من المقرر أن يقوم المطورون خلال العامين المقبلين بتوفير أكبر معروض من المساحات المكتبية في أبوظبي منذ عام 2012، حيث يتطلعون إلى الاستفادة من الطلب المتزايد.

وذكرت وكالة بلومبيرغ ما قاله سايمون تاونسند، الذي يقود عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشركة الاستشارات العقارية أفيسون يونغ: من أن هذه الخطط الرئيسية موجودة منذ فترة طويلة ولكن في الوقت الحالي يتم التسليم بسرعة أكبر بكثير؛ لأن هناك عدداً أكبر من الأشخاص الآن يحصلون بالفعل على عرض أبو ظبي.