وتنشئ التحولات الجارية بالسوق، بيئة تأجير تنافسية في هذين القطاعين اللذين يُفضلهما المُلاك، مدفوعةً بتطور تفضيلات المستهلكين وترتيب أولويات الشركات وديناميكيات السوق الحالية.

وحققت مساحات منافذ التجزئة الرئيسية ارتفاعاً كبيراً بأسعار الإيجارات في كل من أبوظبي ودبي مقارنةً بالمنافذ من الفئتين «أ» و«ب»، وعلى صعيد قطاع المساحات المكتبية، وصلت مستويات الشواغر إلى أدنى نسبة لها على الإطلاق لتستقر عند 1.5% في أبوظبي، في حين انخفضت معدلات الشواغر على مستوى المدينة في إمارة دبي لتصل إلى 7.1% خلال الربع الثالث.

ويتفاوض مُلّاك العقارات على أسعار إيجارات أعلى، يدعمهم في ذلك الطلب القوي على مساحات منافذ التجزئة الرئيسية. وفي العاصمة أبوظبي، حافظت مراكز التسوق الإقليمية الكبرى الرئيسية على تفوقها على الفئات الأخرى، حيث ارتفعت أسعار الإيجارات فيها بنسبة 3.4% خلال الفترة من بداية عام 2025 حتى الربع الثالث منه، بينما شهدت دبي ارتفاعاً كبيراً في تلك الأسعار بنسبة بلغت 13.5% خلال الفترة نفسها. وتتجلى هذه البيئة المُفضّلة لدى المُلّاك في عقارات منافذ التجزئة الرئيسية ومراكز التسوق الناجحة التي تجذب إقبالاً كبيراً من المتسوقين وتزيد من مبيعات المستأجرين.

تحولات الطلب في سوق المساحات المكتبية

يشهد مخزون المساحات المكتبية في دبي وأبوظبي، الذي يبلغ 13.4 مليون متر مربع، تحولاً حاداً في تركيبة الطلب، مع تزايد طلبات التأجير من الشركات الإقليمية بوتيرة أسرع مقارنةً بالشركات العالمية الكبرى. ويصب هذا التحول في مصلحة مالكي العقارات، إذ يُظهر المستأجرون الإقليميون غالباً مرونةً أكبر في أسعار الإيجارات واستعداداً أكبر لقبول هياكل تسعير أعلى من المستأجرين الدوليين.

ويكشف تقرير ديناميكيات سوق المساحات المكتبية الصادر عن «جيه إل إل»، أن معدل نمو أسعار الإيجارات في دبي وأبوظبي قد يصل إلى ذروته الدورية، لا سيما في المساحات المكتبية الفاخرة والراقية. وفي إشارة إلى توجه البحث عن الجودة، ارتفعت أسعار إيجارات المساحات المكتبية الفاخرة في أبوظبي بنسبة 31.3% مقارنةً بالعام الماضي، بينما شهدت دبي ارتفاعاً بنسبة 16.8% خلال الفترة من بداية عام 2025 حتى الربع الثالث منه. ويرى المستأجرون بشكل متزايد أن هذه الأسعار غير مستدامة في إطار ميزانياتهم التشغيلية.

وهناك اتجاه ناشئ آخر يتمثل في تنويع مطوري العقارات السكنية في إمارة دبي لمشاريعهم في القطاع التجاري، والتي تكون غالباً في مواقع ثانوية حيث تكون الأراضي وفرص التطوير أكثر ملاءمة. وتعتمد هذه المشاريع الجديدة بشكل أساسي على هياكل ملكية طبقية، والتي لا تلبي في العموم متطلبات الشركات الإقليمية والمستأجرين من الشركات الكبرى الذين يبحثون عن مساحات مجمعة في مناطق الأعمال المركزية.

فترة مرونة مستدامة

وقالت دانا ويليامسون، مدير قسم المساحات المكتبية ومساحات الأعمال ومنافذ التجزئة – منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى جيه إل إل: «في ظل ما تشهده قطاعات العقارات التجارية الرئيسية في دولة الإمارات من تطور، نتوقع فترة من المرونة المستدامة. ويعتمد تحقيق النجاح، بالنسبة للمستثمرين والمطورين، على فهم عميق لسلوكيات المستأجرين والمستهلكين المتطورة، والقدرة على تطبيق استراتيجيات تكيف مبتكرة في سوق سريعة النضج. وفي ظل محدودية المعروض في قطاعي منافذ التجزئة والمساحات المكتبية الرئيسية، لا تزال معنويات السوق إيجابية، مما يوفر لأصحاب المصلحة فرصاً كبيرة للاستفادة من فرص نمو جديدة فعّالة لخلق قيمة تستجيب بشكل مباشر للتحولات السلوكية الجوهرية».