يشهد سوق العقارات في دبي موجة انتعاش جديدة، مدفوعة بقرار دائرة الأراضي والأملاك فتح باب التملك الحر في منطقتي شارع الشيخ زايد والجداف، وهما من أكثر المواقع حيوية واستراتيجية في المدينة.
ومنذ الإعلان سجلت أسعار الأراضي بالمنطقتين ارتفاعات ملحوظة، وصلت حتى 50 %، بحسب تقديرات عدد من المطورين العقاريين، في ظل تزايد الطلب من المستثمرين المحليين والدوليين، وزخم مشاريع الأبراج متعددة الاستخدامات والمجمعات السكنية.
ويأتي هذا القرار في إطار توجه أوسع لتعزيز جاذبية دبي وجهة للاستثمار طويل الأجل، إذ يتوقع المطورون، الذين تحدثت إليهم «البيان» أن تشمل المرحلة المقبلة مناطق واعدة واستراتيجية مثل: عود ميثاء، الصفا، ميناء خور دبي، تلال الغاف، وحتى جميرا، والمناطق القريبة من شبكات النقل والمراكز التجارية، التي تتمتع جميعها ببنية تحتية متقدمة، ومواقع استراتيجية وعوائد استثمارية عالية، ما يجعلها مؤهلة بقوة للانضمام إلى قائمة منطاق التملك الحر في الإمارة، انسجاماً مع أهداف «استراتيجية دبي العقارية 2033» و«خطة دبي الحضرية 2040».
وكانت «أراضي دبي» أعلنت السماح لملاك العقارات من أصحاب الملكيات الخاصة بمنطقة شارع الشيخ زايد (ضمن المنطقة الواقعة من دوار المركز التجاري إلى القناة المائية)، ومنطقة الجداف في دبي، بتحويلها إلى تملك حر متاح لجميع الجنسيات.
ويبلغ عدد الأراضي المشمولة بالسماح بالتحويل إلى «تملك حر» 457 أرضاً، موزعة على 128 أرضاً مطلة على شارع الشيخ زايد (ضمن المنطقة الواقعة من دوار المركز التجاري إلى القناة المائية)، و329 أرضاً في منطقة الجداف.
ارتفاع تدريجي
وقال فرهاد عزيزي، الرئيس التنفيذي لمجموعة عزيزي للتطوير العقاري، إن منطقتي شارع الشيخ زايد والجداف من أبرز المواقع الاستراتيجية للاستثمار العقاري بدبي، بفضل موقعهما المركزي، واتصالهما المباشر بالمحاور الاقتصادية.
ويعزز إدراجهما ضمن مناطق التملك الحر مكانتهما، ضمن «استراتيجية دبي للقطاع العقاري 2033»، التي تستهدف رفع حجم المعاملات بنسبة 70 %، بما يفتح المجال لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية بمواقع مركزية تدعم مكانة دبي مركزاً عالمياً للاستثمار.
وأضاف: «تشير المعطيات الميدانية وتقارير المكاتب العقارية إلى أن أسعار الأراضي بمنطقتي شارع الشيخ زايد والجداف شهدت ارتفاعاً تدريجياً بعد القرار الحكومي بالسماح بالتملك الحر، وفي ظل الطلب المتزايد تتراوح نسبة الزيادة في الأسعار بين
40 و50 %، وربما يزيد على ذلك، وهو ما يُعزى إلى دخول شرائح جديدة من المستثمرين الأجانب إلى السوق، إضافة إلى ترقب مشاريع تطوير مستقبلية بهذه المناطق.
وأكد عزيزي أن قرار توسعة مناطق التملك الحر بدبي خطوة استراتيجية، تعزز جاذبية المناطق المركزية، وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار العقاري النوعي، ما يسرع إطلاق مشاريع كبرى تدعم رؤية الإمارة في الابتكار العمراني والتنمية المستدامة.
ومن المقرر أن يصبح «برج عزيزي» ثاني أطول برج في العالم بارتفاع 725 متراً، ويقع مباشرة مقابل مركز دبي التجاري العالمي وبجوار محطة المترو، ومن المتوقع الانتهاء من بنائه في 2028».
وأفاد عزيزي بأن دبي تمضي بثبات في توسيع خريطة التملك الحر ضمن رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز جاذبية الإمارة مركزاً عالمياً للاستثمار العقاري، ومن خلال سياسة التوسع المدروسة تعمل دبي على إتاحة المزيد من الخيارات أمام المستثمرين، سواء على مستوى المواقع أو أنماط التملك، بما يعكس مرونة السوق، وتنوع الفرص فيه.
اهتمام متنامٍ
وقال آري كسيس أوغلو، الرئيس في بروبرتي فايندر: «عند مقارنة بداية هذا العام مع الفترة نفسها من عام 2024 (من يناير إلى مايو) تشير بيانات دائرة الأراضي والأملاك بدبي فيما يخص مناطق التملك الحر الجديدة إلى بروز بعض المجتمعات المحددة، التي توفر عقارات بين مليون إلى 3 ملايين درهم في صدارة المشهد، ومن بينها القرية الثقافية (واجهة الجداف البحرية)، التي شهدت نمواً بنسبة تزيد على 100 % في حجم المعاملات، ما يشكل دليلاً على الاهتمام المتنامي للاستثمار في الفئة المتوسطة من العقارات في هذه المناطق».
وأضاف أوغلو: «تسهم المبادرات، مثل تلك التي أطلقتها دائرة الأراضي والأملاك بدبي لتوسيع المناطق، التي تسمح بالتملك الحر، في صياغة ملامح جديدة للمشهد العام، من خلال توفير فرص جديدة للمستثمرين ومالكي المنازل.
وتعمل هذه التطورات بعيدة المدى على إرساء مكانة دبي بصفتها إحدى أكثر الأسواق العقارية الملائمة للمستثمرين».
نمو تدريجي
وقال طلال القداح - نائب الرئيس التنفيذي الأول لمجموعة ماج: «إن الأهمية الاستراتيجية لمنطقتي شارع الشيخ زايد والجداف تتمثل في الموقع الحيوي والعوائد المرتفعة، فشارع الشيخ زايد يتميز بقربه من المراكز التجارية والمناطق الحرة، ما يجعله من أكثر المناطق طلباً، أما الجداف فهي منطقة ناشئة بأسعار تنافسية، وفرص تطوير مستقبلية، قرار التملك الحر رفع القيمة السوقية للمنطقتين، وعزز جاذبيتهما لدى المستثمرين المحليين والدوليين.
وأضاف القداح: «شهد شارع الشيخ زايد ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار بعد أن قام عدد كبير من الملاك بتحويل ملكياتهم إلى نظام التملك الحر، مع دفع رسوم تحويل تصل إلى 30 % من القيمة الأساسية للعقار، ثم طرحها مجدداً في السوق بأسعار أعلى، ما أدى إلى زيادة التداول، أما في الجداف فكان النمو أكثر تدريجياً، لا سيما في الأراضي القريبة من المشاريع الكبرى وشبكات النقل، كلتا المنطقتين أظهرتا مؤشرات واضحة على ارتفاع الطلب وثقة المستثمرين».
وذكر القداح أن قرار الدائرة يمثل نقلة نوعية تعزز جاذبية دبي مركزاً عالمياً للاستثمار العقاري، من المتوقع إطلاق مشاريع تطويرية متنوعة تشمل الأبراج، المجمعات السكنية، الوجهات التجارية، والفنادق، كما سيدعم الاقتصاد المحلي من خلال خلق فرص عمل وزيادة الاستثمارات في قطاعي البناء والخدمات المرتبطة به.
وتوقع القداح انضمام مواقع جديدة ذات موقع استراتيجي وبنية تحتية متطورة إلى قائمة التملك الحر، لا سيما تلك القريبة من شبكات النقل والمراكز التجارية، هذا التوجه يتماشى مع «استراتيجية دبي للقطاع العقاري 2033»، التي تهدف إلى مضاعفة حجم السوق، وتعزيز مكانة دبي وجهة عالمية للاستثمار العقاري.
مستثمرون دوليون
وقال مايكل بيلتون، الرئيس التنفيذي، شركة ميريد: «إن شارع الشيخ زايد يعتبر أحد أرقى وأهم ممرات الاستثمار العقاري في دبي. وبالمقارنة مع المناطق الأخرى يوفر شارع الشيخ زايد مكانة مرموقة وسهولة وصول لا مثيل لها، بينما يعتبر الجداف سوقاً ناشئاً واعداً سيستفيد بلا شك من سياسات التملك الحر».
وباختصار تتمتع كلتا المنطقتين بموقع مثالي لتحقيق أقصى فائدة من قطاع العقارات المزدهر في دبي.
وأضاف: «تؤكد دائرة الأراضي والأملاك في دبي أن التملك الحر سيعزز قيم العقارات في السوق، وسيجذب اهتمام أوسع من المستثمرين الدوليين، وفقاً لتقديرات القطاع.
وسيعزز ذلك استراتيجية دبي للقطاع العقاري 2033، التي تهدف إلى زيادة التصرفات العقارية بنسبة 70 % وزيادة القيمة السوقية الإجمالية إلى تريليون درهم.
وأكد بيلتون أن توسيع مناطق التملك الحر في دبي يحقق قيمة اقتصادية مباشرة، من خلال فتح قنوات استثمارية جديدة، ما يمكن المطورين من إطلاق مشاريع فريدة ومميزة، تجذب المستثمرين، حيث لا يزال التملك الحر محركاً رئيسياً للمشترين الدوليين، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى بناء المزيد من الأبراج السكنية، ومجمعات الفلل الراقية، والمشاريع متعددة الاستخدامات، التي تدمج عناصر البيع بالتجزئة والضيافة والترفيه، لا سيما في المناطق ذات البنية التحتية القوية القريبة من شبكة المترو.
طلب على الأراضي
من جهتها، قالت سارة عجي، الشريكة الإدارية في شركة «الما للتطوير العقاري»: «تعد منطقتا شارع الشيخ زايد والجداف اليوم قلب الحركة العمرانية في دبي، لما تتمتعان به من موقع محوري، يوفر رؤية واضحة وارتباطاً مباشراً بأهم مناطق الأعمال والترفيه في المدينة، وقد أسهم التملك الحر في هاتين المنطقتين في رفع مستويات الطلب، حيث سجلت أسعار بعض الأراضي ارتفاعاً بنِسب تصل إلى 20 %».
وشددت عجي على أن «فتح المزيد من المناطق أمام التملك الحر يشكل رافعة قوية للنمو الاقتصادي، إذ يتيح للمشترين الاستقرار في مواقع متميزة على المدى الطويل، ويفتح المجال أمام تطوير مشاريع متكاملة تضم وحدات سكنية فاخرة، وفنادق، وأبراجاً حديثة، وتقنيات عمرانية متقدمة، وتعد منطقتا عود ميثاء والصفا من أبرز المواقع المرشحة لدخول نطاق التملك الحر مستقبلاً، بفضل موقعهما الاستراتيجي، وتوفر البنية التحتية فيهما، بما ينسجم مع رؤية دبي لتحقيق نمو عمراني متوازن ومتنوع».
تنويع الاقتصاد
وقال علي مسلم بو منصور، المدير العام في أوبجكت ون، إن توسيع مناطق التملك الحر يتيح مشاركة أوسع من المستثمرين العالميين، ويشجع على إعادة تطوير المباني القديمة، ويحفز إطلاق مشاريع جديدة في القطاعات السكنية والضيافة والتجارية، والنتيجة هي اقتصاد أكثر مرونة وتنوعاً.
وأضاف: «يعزز التملك الحر ثقة المستهلكين ويشجع على الإقامة طويلة الأجل، مما يدعم بشكل مباشر «خطة دبي الحضرية 2040» الهادفة إلى تطوير مناطق حضرية مزدهرة وشاملة، و«استراتيجية دبي العقارية 2033»، التي تسعى إلى رفع حجم المعاملات بنسبة 70 % وزيادة القيمة السوقية للقطاع العقاري إلى تريليون درهم، بالنسبة للمطورين، فهذا يعني مشاريع أكثر طموحاً؛ وبالنسبة للسوق، فهذا يعني سيولة أعمق ونمواً مستداماً».
وذكر بو منصور أنه رغم عدم وجود إعلانات رسمية حتى الآن فإننا نرى أن مناطق مثل ميناء خور دبي، وتلال الغاف، وجزر دبي مرشحة بقوة لتكون منطاق تملك حر جديدة، فميناء خور دبي يتميز بعوائد إيجارية مرتفعة تصل إلى 9 %، وقربه من وسط المدينة يمنحه قيمة استثمارية عالية.
وتجذب تلال الغاف المستثمرين الباحثين عن أسلوب حياة مجتمعي فاخر، وتقدم عوائد تتجاوز 5.9 %، وتُعد جزر دبي، التي لا تزال في مراحل التطوير الأولى، فرصة فريدة بفضل موقعها البحري، وعوائد متوقعة تصل إلى 8 %، وهذه المناطق تتماشى مع مسار النمو المستقبلي للمدينة، وتستحق المتابعة، بحسب بو منصور.
توظيف الأصول العقارية
وقال توماس وان، الشريك الإداري في «ريفاين»: «يعد توسيع نطاق التملك الحر ليشمل شارع الشيخ زايد ومنطقة الجداف خطوة مهمة، تعزز من فرص الاستثمار العقاري في المدينة، ويعتبر شارع الشيخ زايد من الشوارع الحيوية والرئيسية في دبي، وفتح التملك الحر فيه يزيد من جاذبيته للمستثمرين المؤسسيين وأصحاب الثروات العالية، الذين يبحثون عن أصول استثمارية مميزة».
وتابع: «منذ صدور الإعلان رصدنا زيادة ملحوظة بحجم الاستفسارات، وارتفاعاً في تقييمات الأراضي، تتراوح نسبته بين 15 و30 % ضمن مواقع مختارة في المنطقتين، ويُعد طرح مبيعات برج «AA» أول مشروع تملك حر على شارع الشيخ زايد بعد قرار الحكومة مؤشراً واضحاً على ارتفاع الزخم، ونتوقع إتمام المزيد من الصفقات البارزة في الفترة المقبلة، مع توجه المالكين والمطورين إلى إعادة توظيف الأصول العقارية، عبر مشاريع متعددة الاستخدامات، تشمل وحدات سكنية وتجارية، إلى جانب تطوير مساكن تحمل علامات تجارية معروفة».
وأضاف: «تقع منطقة الجداف على مقربة من خور دبي، وتتمتع ببنية تحتية متكاملة، ما يجعلها موقعاً واعداً لتطوير مشاريع عقارية متوسطة الحجم، خصوصاً في قطاعي الضيافة والشقق الفندقية، ويعكس هذا التوسع في مناطق التملك الحر التزام دبي بتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودعم سياسات الإقامة طويلة الأمد.
وبالنظر إلى المستقبل نرى أن مناطق مثل جميرا تمتلك مقومات قوية، للاستفادة من تصنيفات مماثلة، بفضل موقعها المركزي، وإمكاناتها الكبيرة».
– لكتابة مقال خاص عن اسم مؤسستك أو شركتك يمكنك المراسلة عبر البريد الإلكتروني التالي: